حصل عقار «ليكيمبي» (Leqembi)، الذي تنتجه شركتا «إيساي» (Eisai) و«بيوجين» (Biogen) للأدوية، على الموافقة الكاملة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، مما يجعله أول دواء يبطئ تفاقم مرض الزهايمر. ومن الناحية النظرية، يجب أن توسع هذه الخطوة بشكل كبير من توافر «ليكيمبي» للمرضى الذين ينتظرون بفارغ الصبر خيارات جديدة وأفضل لتغيير مسار هذا المرض الذي يسلب العقول. لكن من الناحية العملية، من المحتمل أن يستغرق بدء الإنتاج وقتاً أطول مما يرغب فيه المرضى وعائلاتهم. ويشعر بيتر ليوبينكوف، طبيب الأعصاب في معهد «يو سي إس إف ويل» (UCSF Weill) للعلوم العصبية، بالحماس لأنه سيتمكن أخيراً من تقديم عقار «ليكيمبي» لمرضاه، لكنه يؤكد أن «هذا الدواء يتطلب الكثيرَ من الخبرة والبنية التحتية لتقديمه». وقد شارك ليوبينكوف في الجهود التي استمرت لأشهر لإعداد شبكة مستشفيات جامعة كاليفورنيا لوصول عقار «ليكيمبي»، وهو عمل قيد التقدم في مراكز الذاكرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وقد حصل ليكيمبي على موافقة مشروطة من إدارة الغذاء والدواء في يناير. لكن استخدامه كان محدوداً للغاية، لأن المراكز التابعة لنظام الرعاية الصحية الأميركي «ميديكير» ومراكز تقديم المساعدات الطبية للفقراء «ميديسيد»، قالت إنها لن تدفع ثمن الدواء الذي تبلغ تكلفته 26,500 دولار سنوياً، حتى تحصل على الموافقة الكاملة بناءً على دليل بأنه يمكنه إبطاء مسار تفاقم المرض. ومع الإعلان الحالي، تخلص «ليكيمبي» من تلك العقبة. وتقول أماندا سميث، مديرة الأبحاث السريرية في معهد بيرد الصحي الخاص بعلاج الزهايمر بجامعة جنوب فلوريدا، إنه لا يزال يتعين القيام ببعض الخطوات قبل أن يتمكن معظم المرضى من تلقي العقار الجديد.ويتمثل التحدي الأول في تحديد المرضى المناسبين. ولكي يكون المرضى مؤهلين لاستخدام هذا العقار، يجب أن يكونوا في المراحل المبكرة من المرض، وأن يكون لديهم تأكيد بأنهم مصابون بمرض الزهايمر وليس أي شكل آخر من أشكال الخرف. ويتطلب ذلك دليلا موضوعياً على أن أدمغتهم مغطاة بكتل من البروتين تسمى أميلويد، والتي يزيلها الدواء. ويتطلب ذلك إما فحصاً خاصاً بالأشعة المقطعية scan PET يكتشف وجود بروتين أميلويد أو البزل القطني لتحليل السائل الدماغي الشوكي. لكن فحوصات الأشعة المقطعية لتأكيد وجود بروتين أميلويد، وهي طريقة الكشف الأقل تعقيداً، لا يغطيها «ميديكير». وكانت حجة وكالة الصحة ضد هذه التغطية هي أن الاختبار، الذي يمكن أن يكلف 3000 دولار أو أكثر، ليس ضرورياً للعلاج. ولذلك فإن الموافقة على استخدام عقار «ليكيمبي» تقوض هذه الحجة. ويجب أن توافق المراكز التابعة لنظام الرعاية الصحية الأميركي «ميديكير» ومراكز تقديم المساعدات الطبية للفقراء «ميديسيد» (CMS) على الفور على الدفع مقابل عمليات الفحص هذه. وهناك عقبة أخرى، وهي أنه حتى ولو تم تأكيد إصابة المريض بالزهايمر عن طريق الاختبارات المذكورة، فسيحتاج أطباء الأعصاب إلى إجراء مناقشة دقيقة مع المريض حول مخاطر عقار «ليكيمبي». فالأشخاص الذين يتناولون العقاقير المسيلة للدم، على سبيل المثال، أو أولئك الذين لديهم نسختين من جين يسمى ApoE4، يكونون أكثر عرضةً لخطر الإصابة بنزيف وتورم أشد خطورة في الدماغ، وهو أثر جانبي أكدته إدارةُ الغذاء والدواء من خلال إضافة «تحذير الصندوق الأسود» إلى ملصق الدواء. وحتى بدون عوامل الخطر هذه، سيحتاج المرضى إلى التصوير بالرنين المغناطيسي للتأكد من عدم ظهور علامات نزيف في المخ قبل بدء العلاج، ثم إجراء عدة فحوصات أخرى أثناء العلاج لرصد التورم أو النزيف. وهناك عقبة أخرى تتعلق بمتطلبات ميديكير من أجل تغطية الدواء، إذ ستدفع مراكز ميديكير وميديسيد فقط مقابل «ليكيمبي» (وأي أدوية مماثلة تحصل على الموافقة) إذا تم جمع البيانات حول فعالية الدواء وسلامته في العالم الواقعي، وليس في بيئة صارمة للغاية للتجربة السريرية. وللحصول على هذه المعلومات، سيتعين على الأطباء تسجيل المرضى في سجل لم يتم تحديده بعد. يقول ليوبينكوف إنه بدون معرفة مدى صعوبة هذا التسجيل «من المحتمل أن تكون الخطوة التالية هي تحديد مدى سرعة الحصول على هذا الدواء بطريقة عادلة». إن القيام بكل هذا قد يكون أكثر صعوبةً إذا كان عدد المرضى الذين يريدون الدواء كبيراً. يقول ليوبينكوف: «من الناحية النظرية، بمجرد صدور موافقة إدارة الغذاء والدواء، قد نرى تدفقاً للمرضى على عكس المرضى العاديين الذين يذهبون إلى عيادات الذاكرة». وأضاف أنه عادةً يأتي الأشخاصُ إلى العيادة في مرحلة متأخرة من مرضهم، لكن الآن بعد أن يتوفر علاج للمرض في مراحله المبكرة، قد يكون المرضى الذين بدأوا للتو في الشعور بالأعراض أكثر تحفزاً للحصول على التشخيص. والحصول على العقار ليس التحدي الوحيد الذي يواجه المرضى. فقد يصفه بعض الأطباء بسهولة شديدة. تقول سميث: «إن خوفي الأكبر هو أن الأطباء قد يصفونه دون فهم للآثار المترتبة عليه، وربما يصفونه للأشخاص الذين لا يناسبهم حقاً». لكن قرار إدارة الغذاء والدواء خطوة أولى مهمة، وتضعنا الموافقة على عقار «ليكيمبي» على الطريق نحو اكتشاف نظام أفضل لرعاية المرضى مع ظهور الأدوية التالية. دعونا نأمل أن تكون مجرد بداية وعرة لعصر جديد في علاج مرض الزهايمر.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»

ليزا جارفيس* *كاتبة مختصة بقضايا الرعاية الصحية وصناعة الأدوية